Powered By Blogger

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

قصة رعب فى كلية الطب .. الحلقة الخامسة عشر ( الأخيرة )

تذكروا لقد صرخت .. و لكن لم تكن ميادة وحدها من سمعتها .. معتز .. و قد وهجت عينيه

ثم ردد الكلمة .. ميادة .. ميادة من

تجمدت ملامحى و يبدو ان وجهى شحب أكثر مما كان شاحباً .. لقد قلتها .. ميادة

و لكن هذا لم يحدث .. لقد سمعنى معتز و انا اصرخ .. ميادة .. سألنى .. فصرخت ( أختى ) .. نعم بتلك التلقائية

توقعت ان تتغير نبرته .. و لكن ليس بدرجة أن يدفعنى الى الحائط .. لأرتطم بأشلاء الين .. و يجذبى من بقايا ملابسى .. ثم يصفعنى و يسألنى مرة أخرى .. أختك من ؟

ثم يستأنف .. اتعنى انك و اختك السبب فيما يحدث .. اتعنى ان اختك هى من قتلت الين و ضحى وصفى و عبد الرحمن و أتت لتكمل علينا ..

اتعنى انك كنت تعرفين طول تلك المدة و تخبئين .. اتظنين انك مركز الكون .. و نحن التافهون الذين ندور حولك .. و لا يهم ان نقص احدهم ..

ادمعت .. لما تحدثنى هكذا و كأننى من قمت بقتلهم

فأستأنف .. أنا لا أعرف أختك كى ألومها .. من أعرفه هو انت .. و انت من يحق عليه القتل و ليس هؤلاء الأبرياء ..

ازلت دموعى و حاولت أن أتحدث بثقة .. و ماذا كان يفيدك هوية القاتل .. هل كنت ستنقذهم ؟

تحدث بثقته المعتادة .. لو كنت أعرف انها أختك لكنت أنت الأولى بالتضحية .. حياتك كان يجب أن تضحى بها من أجل هؤلاء .. و لاتختبئين كالشاه تخشين أن يأتى دورك ..

ظللت شفتى تتحرك قليلا قبل أن تنطق .. لطالما فتحت لها صدرى كى تقتلنى لكنها لم تفعل .. لم أكن أنا من يختبئ كالشاة يا معتز ..

لم أكن أنا من أقف ألتصق بالجدران .. لم أكن أنا من تركت صديقى وحيدا فى البئر القاتل ..لم أكن أنا من أسخر من صديقى الذى أتى ليساعدنى .. لربما كتبت ميادة القتل على من يستحقون .. و أظهرت حقيقة بعضهم .. ان تلك التى تدعى دروس الحياة ..أفضل مما تعلمته طوال الثمانِ عشر سنة الماضية من عمرى .. لو كتب لى أن أنجو من تلك المحاضرة .. حينها .. سأدرسها للجميع ..

سمعت حسن يصرخ .. انه يصرخ بشدة .. كما لو أن امعاءه تتمزق .. مازال يردد اثنين .. اثنين

رؤية هذا المنظر يكفى لجراح متخصص بان يعتزل مهنته .. و لكنى لازلت لا أفهم ماذا يقصد باثنين ..

اشعر بالظلال تأتى من جديد .. اشعر بها تتخلل جسدى .. و تصب فيه قليلا من الرعب .. و كثيرا من الراحة .. اسمع خطواتها و التى بدأت أضعف من ذى بدء .. أكثر ما يسعدنى فى تلك اللحظة هو .. صمت معتز

عادت ميادة من جديد .. و اضاء و هجها فى الظلام .. حتى أن عينى لم تتحملانه .. و لكن اذنى التقطت اسم معتز .. انه يطمئنى بمزيد من الدقائق فى تلك الحياة ..

ميادة .. تتحدث .. نور دعنى أعرفك .. معتز .. ربما تعرفينه و لكن يبدو انه ليس حق المعرفة ..

معتز ابراهيم .. طالب بالفرقة الثالثة فى كلية .. التجارة .. صديق لأخيك تامر . أتذكرينه ؟

ربما ما زلت تتسائلين لما مات ..

ربما أخوك ليس مثالياً كما تظنين .. ربما سيكون مثالياً اذا لم يكن لديه أخت .. لديه أخت يعلم أصدقاؤه عنها كل شئ .. يعلم عنها اصدقاؤه انها تحب الشعر و الاغان الاجنبية و عصير المانجو و اللون الاسود و نكهة الشوكولا .. يعلم عنها أصدقاؤه بانها طالبة حديثة بكلية الطب .. و يعلمون هاتفها الجوال .. و يعلمون حتى جدولها الدراسى .. ربما ربما كان مثاليا لو لم يخبر صديقه معتز بذلك .. ربما كان كذلك لو تمتع بقليل من الشخصية و قليل من النخوة و الخوف على أخته ..

كيف كنت تظنين ان معتز يحب كل ما تحبينه و هو يكره القراءة أصلا .. و يجهل الانجليزية الى حد كبير .. عدا تلك الكلمتين الذى يستخدمهما لرسم الشخصية .. كيف كنت تظنين انه يهبط عليك كلما انتهيت من احدى الدروس .. هل يمتلك حاسة خفية ليشعر بموعد خروجك .. أم انه الأخ الوفى ..

و لكنه لم يكن لينجح فى هذا لولا وجود ( منة ) .. الصديقة المقربة .. مندوب الحب .. تلك التى كانت تمهد كل لقاءاته بك .. تلك التى تؤثر عليك بالكلمات و تقنعك بانك لا تفعلين شيئا خطأ ..

معتز .. لم يتطلب احضارك هنا الكثير .. حسنا أوافق .. المرسل / الين

نور .. احبك التى قالها معتز ليس كما تظنين .. لقد كنتى العرض الثالث .. لعرضين تم رفضهما من قبل من صديقتيك المقربتين .. الين .. ثم صمتت لحظة .. و ضحى

معتز .. مثلك لا يستحقون الحياة

يتوهج الشعاعان الأرجوانيان للحظة ليحجبان عنى الرؤية مجددا .. و لكننى اسمع صوت ثاقب .. سهم أو رمح أو ما شابه .. لا أدرى

أنا أرى الآن .. و لكن أين معتز .. أين هو .. مهلا انه هو .. احدى الأحذية من احدى التوكيلات الرياضية باهظة الثمن .. يعلوه بنطال من الجينز .. يعلوه حزام عريض .. يعلوه جسم رمح .. و بعض الدماء تلطخ قميصا أسود اللون .. يعلوه رقبه مبتورة ..

و هاهى الرأس الذهبية الشقراء .. التى لطالما أحرزت الكثير من الأهداف .. اراها تتدحرج أمامى

عذرا .. و لكن يبدو ان ميادة .. لن تمهلنى وقت كاف لأصف الموقف

نور .. انه حقا يشعرنى بالغثيان .. عندما تظنين انه كان يهتم بك لأنك أجملهم .. بينما هو كان يهتم بك لانك أكثرهم سذاجة ..

انطفأ الشعاعان الأرجوانيان للحظة ثم أضاءا مرة ثانية .. بينما أنا أصرخ .. ( ميادة )

فجأة أحسست بيد قد جذبت ذراعى .. لقد كان حسن .. عادة لا اسمح للفتيان بملامستى .. و لكن عندما يمنع مقصلة وزنها مائة كيلوجرام من ان تهوى على عنقك .. فتلامس اطرافك .. ليس أمامك سوى ان تستديرى و تشكريه .. ثم تصرخين من الألم ..

أرقد فى طريقى الى الإغماء و أصرخ بجوار .. قدمى الدامية .. بينما حسن يستند بصعوبة الى الحائط المجاور ..

يخرج كلمات محتضرة .. الى ميادة .. ( لما ؟ )

و تجيب ربما تعرف

حسن يسألها .. أعلم .. و أعلم ان ليس كل ما تظنيه صحيحا .. اذا اخبرينى لماذا الين

اخبرينى ؟

هل تزعجك رؤية فتاتك هكذا أم ماذا ايها الفتى .. أجابت بفتور

هنا .. المجنونة .. أجل أنا .. صرخت بحسن .. هل تعرفها .. هل تعرف أختى

أجاب

رفقا .. انها ليست أختك .. ألا تذكركى تلك العينين البنيتين اللامعتين بأحدهم

ربى .. لا .. ما ذا تقول .. لم أكد أقترب و أرمق تلك العينين البنيتين .. حتى أرانى أطير الى الصندوق .. لأجد السمراء مازالت مكانها .. و أنا أردد مستحيل

يجيب حسن ببطء .. أجل هى .. الاثنان هى .. الشخصية المثالية ( الأنا الأعلى ) و الشخصية الضعيفة ( هى ) .. بينما تلاشى الأنا فى الوسط

تلك المبادئ التى تستغنى عنها يوما بعد يوم بحكم الموقع الطبى .. و تلك الشخصية المثالية التى تسعى الى الكمال .. قوتان متنافرتان لم تستطع الأنا تحملها

انفصلت الشخصية المثالية و قررت الانتقام .. قررت الانتقام ممن يخالفون مبادئها الشخصية .. من يستمتعون بقتلها يوما بعد يوم .. و تركت الشخصية الضعيفة التى يجرفها الواقع .. و استسلمت له لتتحول الى .. طالبة طب ..

لقد نما الكره و الظلام داخلها ليخلق وحشا .. يدمر ولا يصلح .. ربما تكون محقة .. فقد قتلت من هم عار على البشرية .. كل من الطبيب المغيب و الأخ الساذج و الصديق المنافق و الطالب الميت .. كل يحتاج للاصلاح ربما هناك طريق .. و لطالما ارادت أن تصلح فلابد أن تتحمل عناء العمل ..

و لكن تلك ( الأنا ) الضعيفة لم تستطع تحمل الفارق .. و تركت شخصيتها الضعيفة التى أيضا تحتاج الاصلاح .. تلك التى استسلمت لأهوائها الشخصية .. و عملت بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة ..

و لكن ايلين .. لقد قتلتها غيرة و حقد فقط .. ايلين الأجمل . ايلين الأذكى .. ايلين تمتلك الكثير من المعجبين

ربما خلقها الله جميلة و لكن ليس ذنبا لها .. و ان تفتخر بجمالها هو أيضا حق لها .. و لكن ان تسخر منا .. و تتهاون بمشاعر الآخرين .. فهذا ليس حق

لما قتلت ايلين اذن يا ضحى ؟

يتلاشى الظلام تدريجيا .. و كأن كلام حسن كان ينتقص من قوتها ..

اجابت ضحى الجميع يحب ايلين .. حتى معتز اتى هنا من أجلها .. يظل الجميع يمدح ذكاءها رغم اننى احرز المزيد من الدرجات ..

حتى أنت أحببتها .. أيها الخائن

لا أدرى ماذا أصاب حسن .. سوى ان تطاير منه الدم و هوى الى ذراعى للمرة الثانية .. لا استطيع فعل شئ سوى ان انظر الى المغيبة أمامى

أراها تكمل و تصرخ .. لما هى أنانية .. لما تأخد كل شئ .. لما تركز عليها النظر .. لما تأخذ ما أحب .. لما تأخذ من أحب

تتسايل الدماء من شفاة حسن .. و يتلعثم فى كلامه .. ضحى .. أنا لم أكن أحب الين .. لقد كنت أحبك . ( أنت ). لتكون تلك آخر كلمة ترسم على شفتيه بسمة النهاية ..

و لكنى لم أكن أتوقع أن تلك الكلمة قد خرجت بالصدق الكافى .. لتنهى كل شئ .. يتلاشى الشعاعان الارجوانيان .. بينما أرى النور لأول مرة منذ دخولى فى تلك الأحداث .. ان الموت يعطى التعريف الأسمى للحب .. الحب هو ذلك المرض الذى يصيب الجسد الميت بداء الحياة ..

تتلاشى اللوحة الدامية من أمامى .. لا جثث .. لا أشلاء .. لا شبح .. لا ضحى .. لا ايلين .. لا وصفى .. لا عبد الرحمن .. لا منة .. لا .. معتز

معتز الذى لم يتبق منه سوى مفاتيح سيارته .. و ضحى التى لم يتبق منها سوى حقيبتها

أجر قدمى الدامية نحو الباب .. المفتوح على مصراعيه الآن .. بينما ينبعث منه النور

أجر قدمى .. حتى اصل الى سيارة معتز .. انها حقيبة ضحى .. ما هذا .. انها تلك العينين الخضراوين .. مضحك .. لا تتوقعوا منى الصراخ بعد ما رأيت .. سأحتفظ بهما .. و لكنى أشعر بالجوع .. لأتناول ما فى الحقيبة من طعام

انا الآن فى سيارة معتز .. و لكن تلك المرة أنا التى أقود .. أتناول طعام ضحى .. ضحى تلك المخلوق البعيد عن الخبث .. كان أكثرهم دهاءاً .. ربما امتزج شعورى نحوه بالكره .. ببعض الشفقة .. ليس لها .. و لكن لضحى القديمة .. تلك الفتاة التى كنا نبخثها حقها .. و لم نشعر بقيمتها الا عندما غابت ..

عندما تعلو عنا ننساها .. و عندما تقل لا نهتم .. عندما نعلو نحن تفرح لنا .. عندما نقل تواسينا

عندما تحتاج لا نجيبها .. عندما نحتاج نجدها .. عندما تتحدث تصدق .. عندما نتحدث نكذب

نجبرها ان تضعنا فى المرتبة الأولى ولا نرضى سواها .. فى حين نضعها نحن فى المرتبة الثانية ..

تقبل برأينا .. حتى لا تثير المشاكل .. لكننا نعتقد انها ضعيفة الشخصية و نحن اقوياء .. فى نفس الوقت الذى حتى و ان كان رأيها صحيحاَ .. نعترض .. ليس لشئ سوى لنثبت أن شخصيتنا أقوى

توددها لنا .. احتياجا و ليس صداقة .. توددنا لها عطفا و شفقة .. ربما يجب أن تشعر بالآخرين

مرحبا .. أنا نور .. طالبة بالفرقة الثانية بكلية الآداب .. اليوم هو الذكرى الثالثة لاختفاء أخى تامر .. الكل لا يعلم أين أختفى .. الا أنا بالطبع ..

أنا الآن فى سيارتى .. اضع عكازى بجانبى .. لقد انتهيت للتو محاضرتى .. لقد كانت عن صلاح جاهين .. مضحك .. يذكرنى هذا بأحدهم

( ولدى بقولهالك لما صوتى اتنبح .

. ماتخافش من جنى ولا من شبح

و ان هب فيك عفريت قتيل اساله

مادافعش عن نفسه ليه يوم ما اندبح

اتعلم يا معتز .. ربما ان رأيتك مرة أخرى .. سأستمع الى نصيحتك

أنا الآن أمام كلية الطب .. لم آتى الى هذا المكان تحديداً .. و لكنى أرى جيل جديد من الأطباء الصغار .. يحملون معطفهم الأبيض .. و تلمع بأعينهم الثقة .. و لكن لا أعتقد انه أمضوا بها و قتا مثيرا كما قضيت

لما آت لهذا المكان حبا فيه .. و لكنه فى الطريق الى طبيبى النفسى .. فاليوم هو آخر حصص العلاج .. يحاول الاطباء اقناعى بان ما رأيته ليس سوى تهيآت .. فى الوقت ذاته .. لم يتم العثور على أى من المختفين .. حتى عينى ايلين اللتان احتفظت بهما قد اختفيا .. على أى حال لقد ساعدنى طبيبى كثيراَ .. ربما يروى اليكم قصتى يوما ما ..

تمت

أيمن ختعن

https://www.facebook.com/aymnkhataan

قصة رعب قى كلية الطب .. الحلقة الرابعة عشر


أين أنا .. أين معتز .. أين حسن .. أين ضحى .. أجل ضحى .. آخر ما اتذكره .. ميادة و هى تصرخ بها و تردد كلمة ضعيفة ..

لكن لا أتذكر ما حدث بعدها .. لقد أغمى على

و لكن أين هى .. أين ضحى .. أين حسن .. اين معتز .. ايمكن أن يكون انتهى كل شئ بينما أنا فارقت الوعى .. هيا أيها الباب لما لا تفتح ..

أخطو بحذر .. و أنا أنشر تلك الدماء فى أرجاء المكان .. لكم أن تتخيلوا من تعرفون مذبوحين و انتى تتخطين أشلائهم .. لا ضحى صديقتى .. لا .. لا

انهما تطفوان جنبا الى جنب .. مستحيل ضحى .. منة

ايتها السمراء .. هل تجيبيننى .. كم يقطعنى رؤيتك هكذا .. منة لا أدرى كيف أنت مازلت هنا .. لقد أعتقدت ..

هل بالأمر سحر أم ماذا .. كيف ان منة مازالت هنا .. لما .. كيف انا شعرت بالدوار .. كيف حدث هذا .. لما كل شئ لا يتحرك هنا عدا انا .. هل انا اعود بالوقت للوراء .. هل أنا هو الشبح .. هل انا من فعلت كل هذا .. أتحسس جسدى .. لأتأكدد أننى مازلت حية .. و لكننى غارقة بالفورمالين ..لا أدرى كيف .. لا أستطيع أن أحتمل تلك الرائحة .. أرى ثيابى ممزقة تمزيقا .. أرى الخدوش تغطى جسده بأكمله .. ما هذا .. ما كل تلك الأسئلة الحائرة .. ماذا حدث أثناء فقدانى للوعى .. أين حسن و معتز و ميادة .. التفتت حولى فليس هناك سوى خمسة قتلى يحسد ثلاثة منهم الاثنين الآخرين فإنهما مازلتا يحتفظان بهيأتهما .. يبدو أن الأمر أكبر بكثير بكثير من الكثير .. الذى كنت أتوقعه .. و يبدو أيضا انه ليس أمامى سوى أن أمكث بمكانى .. و أستمع الى النصيحة الأخيرة لميادة ..

( فكرى بما أقول .. فكرى بما أقول ) .. ظلت تلك الكلمات ترج صوان أذنى .. و اتذكر تلك الكلمات التى تسبقها .. ألا تستحقين الموت .. ألا يستحقا الموت .. أبدأ بالأخيرة و لست متأكد هل هى على حق ـم لا ..فأنا لم أر من وصفى ما يزعجنى .. و عبد الرحمن أى كان ما يفعله اقصد فعله .. فله أو عليه .. لن ينفعنى او يضرنى بشئ فما دخلى أنا بالأمر .. انا أستغرب كيف علمت تلك المعلومات عنهما . اذا اجابتى يا ميادة على سؤالك الأول هو ( لا أعرف )

و أعتقد ان لى الحق فى ان أسأل سؤال ( تامر .. منة .. الين .. ضحى ) ماذا فعل هؤلاء .. أخى و أصدقائى لماذا قتلتيهم .. لما تريهم يستحقون الموت .. ما الذى تعرفينه عنهم لا اعرفه .. و أنا لما ترينى استحق الموت .. أنا لم أضر أحدا بشئ .. بل أنا اتمنى الخير للجميع .. اذا فاجابتى على سؤالك الأول يا مياده هو ( لا ) ..

هل سأمكث بهذا المكان كثيرا .. لقد سئمت الانتظار .. انظر الى الصندوق .. و اتنهد آه يا ضحى .. آه يا منة لو اخبرتمونى بما فعلتموه .. احرك رأسى يسارا لأرى المتمردة المترنحة

و الآن اين ميادة .. أين قائدة العالم المثالى .. أن ذهبت

اهتزاز .. اضطراب مفاجئ .. اصطدام .. معتز

معتز .. اصرخ به معتز .. انه حسى .. فقط جسده قد غمس بالفورمالين .. و يجد صعوبة صعوبة فى التنفس .. معتز .. ماذا حدث .. اخبرنى .. اخاطبه متوسلة .. يحاول التقاط انفاسه و يتحدث بصوت متقطع .. نور .. انها شبح .. انها تمتلك قوى خارقة ..

عندما فقدت الوعى .. ظلت تحدق بكى قليلا .. اعتقدنا انه قد سنحت الفرصة فانقضضنا عليها .. انه ليس صندوق .. بل بئر .. بل ليس بئرا انه مدينة للموتى .. محيط من الأشلاء العائمة .. لقد حاولنا ان نهاجم هذا الشبح و لكن دون جدوى .. العكس حدث .. و لكنى استطعت التخلص منه و أملأ رئتى الفارغتين ..

تبعت .. و ماذا عن حسن ؟

قال : انه مازال بالأسفل

هززت رأسى لأستوعب الأمر .. بالأسفل أين ؟ .. هل يستطيع التنفس بالأسفل ؟

لا .. و لا مجال للرؤية أيضا

هل سنتركه ؟ .. تسآلت

لا تتوقعى منى أن أنزل هذا المكان مرة أخرى .. انه يواجه مصيره ..

ولكن أرى حسن قد .. هوى من الصندوق و مازال ينزف ..

انطلقنا اليه .. و هتفت حسن .. حسن

و لكنه لا يجيب اذا المرحلة الأولى سلبية .. فاقد الوعى .. يوجد نبض .. و حمى .. انه حى ولك يبدو انه ينزف بداخله ..

حسن لا يجيب ماذا أفعل .. أسأل معتز فلا أجده أفضل حالا منى

حسن يتمتم بشفتيه .. و لاندرى ماذا يقول

يحاول أن يتمتم بصوت أوضح .. و لكن يبدو ان طاقته لا تسمح

يردد (اثنان)

ظل .. ظل .. بصوت متقطع

نظرت الى معتز أرغب فى توضيح

حسن حسن .. ظل ماذا .. ماذا تقصد

انه لا يسمعنا فقط يتمتم .. يبدو انه تأثير الحمى

يصرخ به معتز .. حسن ماذا تقصد

فقط يردد الكلمة (اثنان ) .. و يردد ( فى الأسفل )

حسنا اكتمل جو الغموض .. هل أفكر فى مساعدة هذا المحتضر .. أم أحاول الحصول على جملة مفيدة قد تمكنا من النجاة ؟

اشعر بالعجز تجاه الحلين الأول و الثانى .. ان أشبه بلغز

اثنان .. كلمة لا دلالة لها اطلاقا .. حتى و ان تم ربطها بالأحداث .. ظل اثنين .. ما ذا يقصد ... من هما الاثنين بالأسفل .. أم يقصد جثتين اضافيتين انضموا الى القائمة ..

لا يوجد بالأسفل سوى ميادة .. هل يقصد وجود احدا آخر .. أم ماذا

ايمكن ان يكون يحاول التذكر .. أو ان تكون تلك الكلمات دون دلالة أصلا

ان تلك الخلية العصبية المتبقية التى تعمل فى رأسى قد تمزقت .. انها تتعرض لسيالات عصبية أقوى من الصاعقة ..

و ليكن ايتها الخلية .. اين التحدى .. مسألة رياضية .. كثير من المعطيات .. ناتج واحد

اثنان من الاسفل بدلا من واحد فى الأسفل

يا للسخرية : اذن اثنان = واحدة

انظر الى حسن فلا يجيب الا بصفير الأنف الحار .. بينما معتز يتخبط بالجدران الدامية

اقترب من الصندوق لربما أرى ما يساعدنى .. فأعرض عنه سريعا .. فلا شئ سوى منة و ضحى

أوه .. لا ماذا الآن لن اترك هذا الفتى يموت .. لا اتحمل رؤيته يحتضر .. لا أتحمل رؤية جثث اصدقائى فى المكان فى كل خطوة أخطوها .. أصرخ بقوة .. ميادة .. أصرخ أكثر .. استمد قوة الين على الصراخ .. ميادة .. أين أنت .. أين أنت .. يكفى .. يكفى ....

يتبع

قصة رعب فى كلية الطب .. الحلقة الثالثة عشر


إنقطع هذا الحوار .. بينما شحبت الأوجه ..ربما في انتظار مصيرها المحتوم .. الظلام يتزايد و يحجب اضاءة المصباح الصغير .. تتعالي ضحكات مريبة في اركان الغرفة لترج جدرانها .. نحاول الالتفات الي مصدر الصوت لكي نري قاتلنا لكي اري ميادة

لاانكر اني اشعر بالرعب اختفت النظرة الواثقة لكل من معتز وحسن .. مازال عبد الرحمن صامتا .. ربما مازال مصدوما بينما ترتعد ضحي من شدة الرعب

تغلف الغرفة الان بكتلة من الظلام تستطيع ان تري يديك بصعوبة .. ماذا الان .. اين هذا الشبح .. اين هذا الميت الحي .. اين انت ياميادة

صوت خطواتها الثابتة يزيد احساسي بالرعب اخشي ان تقتلني قبل ان استطيع حتي رؤيتها انها في الغرفة الان انا متاكدة

فجاة أتى شخص ملثما باللون الأسود .. يغطى جسده بأكمله .. لا يظهر من و جهه المظلم سوى شعاعان ارجوانيان .. حسنا من هذا أو هذه .. كيف اعرف .. أهذه مياده ؟!

استمرت .. ماذا أقول .. استمر هذا الشبح ذو الاسدال الأسود بالضحك .. ثم توجه الينا قائلا ( رائع ).. كانت أول كلمة نطقها و تبدو كبداية لحوار طويل

أحاول تمييز نبرة الصوت .. لكى أعرف اذا كانت تلك ميادة أم لا .. انه صوت أجش متحشرج فى الوقت ذاته .. لا استطيع أن أحدد أى شئ .. و لكن فى أغلب الظن انها فتاة .. انها ميادة .. ان صوتها يقترب كثيرا ..

تابعت ميادة ( رائع .. رائع حقا .. لم أتوقع أن تنجح الخطة بهذا الشكل .. ذكية أعلم هذا )

بادرها حسن و بدا عليه العزم .. من أنت ؟؟

أجابته بصوتها الضحل . بلهجة مستفزة .. أهدأ أيها الفتى .. ربما ستعرف لاحقا .. ثم تغيرت نبرتها .. أو لن تعرف أبدا !

صمت حسن للحظة .. و قدا بدا لسانه و قد انعقد عن الكلام .. ثم صرخ انت مجنـــــ .. و لم يكمل حسن الكلمة .. حتى سمعنا صوت ارتطام عنيف ..

أرى حسن مكوما على الأرض .. لا استطيع ان اجزم بانه حى أم ميت .. ماذا فعلت به .. انها تمتلك القدرة لتسيطر على الأشياء عن بُعد .. أى شبح هذا !

أنظر اليها و استمع الى توجع حسن .. الذى يدل على انه مازال على قيد الحياة .. و لكن يزيد رعبى

استكملت هذة القاتلة حديثها ( رائع حقا .. رائع حوارك يا معتز مع حسن .. رائع اخفاء كل منكم لسبب مجيئه .. رائع ما كان يدور بأذهانكم منذ قليل .. نجاح مذهل .. انتم مرتعبون الآن .. انتم تخافون الموت .. انتم تخافون منى

كما توقعت .. لاشئ سوى الخوف .. حسنا فلكل منكم دوره .. و لكن لنبدأ بأكثركم رعبا

ينظر كل منا للآخر .. و ينظر الى الفتى الملقى على الأرض .. مرعوبون .. فلا حركة

( نور .. ما الذى تفكرين به .. أنا أعرف فيما تفكرين .. أعلم ما يدور برأسك .. انتظرى دورك أيتها الخائنة ) .. صرخت بى موجهة لى تلك الكلمات

عندما تفقد قدرتك على النطق .. فليس باستطاعتك حتى أن تقول لا تعليق .. هذا يصف حالتى حينها ربما

نظرت ميادة الى صمتى .. ثم همست بابتسامة .. و كأن تروقها رؤيتى هكذا

( من السئ حقا ان تتمنى لأخيك الموت اولا و أنت فى لحظاتك الأخيرة .. أليس كذلك يا عبد الرحمن )

و تلقائيا يوجه كل منا نظره نحو عبد الرحمن .. انها العادة التقليدية المبهمة التى تعودنا عليها .. و لكن تلك المرة كانت لسبب .. و عندما نظرنا اليه و جدناه مرتعدا .. يكاد الشعاعان الأرجوانيان يخترقانه

استكملت ميادة بحنق .. انه دورك أيها الميت .. حينها ازداد ارتعاد عبد الرحمن .. و لكنها استكملت .. هل أزعجتك الكلمة أيها الميت .. ليس هذا باعتبار ما سيكون بعض دقائق قليلة .. فأنت ميت منذ ان خُلقت .. اذا بقيت لك قدرة على النطق . ولأننى أشك بذلك .. فأصمت و دعنى أسمعك حوارك الأخير

..

عبد الرحمن توفيق .. الميت .. دعنى احدث الزملاء عن سبب مجيئك الى هنا ..

لقد كنت صيدا سهلا .. ربما الأسهل .. المراجعة النهائية و الأسئلة الهامة لاختبار الغد .. المرسل : وصفى

أليس هذا مضحكا .. ان كل هذا العناء من أجل اختبار لن تحضره !

حقا لقد تحيرت .. كيف جذب انسان ميت الى هنا .. حسنا أرسل اليك هناك صديق يريد مساعدتك ! .. كيف و ليس لديك أصدقاء .. حتى و لو كان فأنانيتك لن تجعلك تلبى النداء .. حسنا هناك حفل للموهوبين و أطلب منك الحضور .. لن يجدى أيضا .. فأنت لا تمتلك موهبة سوى الغش تحت أسوأ الظروف .. اذا اعتبرنا هذه موهبة .. حسنا سأقول لك هناك مؤتمرا للمعرفة العلمية .. و لكن لن يجدى أيضا.. فأنت لن تحضر لانه لا يضاف الى تقسيمك النهائى .. هناك مؤتمر لرعاية اليتيم .. التبرع بالدم .. أطفال غزة .. القمة العربية .. الاحتباس الحرارى .. أى من هذه .. هل ستحضر .. هل تعلم أصلا بتلك الأمور .. هل تعلم أصلا عن أى شئ أيها الميت .. استتبرع بالدم لكائنات أقل رقيا كما تظن أيها المغرور .. أيهمك فى هذا الكون شخصا غيرك !

تأمل أعضاءك و حواسك و هبات الله عليك .. أنظر الى هيأتك البدينة التى تمنعك من المشى حتى ..لا أطلب منك أن تكون بطلا رياضيا .. و لكن على الأقل تعلم كيفية الحركة .. تأمل هيأتك الرثة انت حتى تهمل نظافتك الشخصية

انظر الى عينيك .. بدلا من أن تتأمل فى ابداع الخالق .. ان تلمح دمعة المظلوم .. و لكن أنت تدفنهما بين كتابين ليلا و نهارا .. ثم تستخدمهما مرة أخرى كآلة تصوير للأسئلة الهامة .. ثم مرة اخرى للغش من الورقة المقابلة .. ألهذا خلق الله عينييك !

انظر الى يديك اللتين لا تتحركا سوى للنقل .. تلك الأيدى الآلية .. التى لم تتحرك يوما للدعاء .. لكى تمسح على رأس يتيم .. كى تزيل دموع مظلوم .. كى تتقدم بصدقة لفقير !

انظر الى اذنيك الى قدمك الى قلبك .. قلبك الذى لا يؤثر فيه سوى فقدان الدرجات .. لا يؤثر فيه رؤية أسرى يتعذبون .. شهداء يقتلون .. أصدقاء يُجرحون .. طفل مصاب .. أم حزينة .. نساء يترملون .. أو يذوقون طعم الثكل .. ألهذا خلق الله قلبك !

أنظر الى عقلك الذى خُلقَ ميتا كصاحبه .. عقلك الذى تمنى من قليل أن يقتل جميع من بالمكان عدا انت .. عقلك الذى لا يحلم .. الذى لا يصنع .. الذى لا يبدع .. الذى لا يغير

دعك من كل هذا .. انظر الى امكانياتك .. انظر الى هاتفك الحديث الذى اشتراه لك والدك .. لماذا لا تصور صورة لأصدقاءك صورة لأقاربك صورة لأبيك و أمك . لما لا تصور صورة للغروب .. لانعكاس المنازل على صفحات الماء .. لما لا تصور أى من هذا عوضا عن صور الهستولوجيا التى لا تملأ بها هاتفك ..

انظر الى حاسوبك الشخصى .. الذى لا تجيد حتى استخدامه .. حتى واجباتك الدراسية تحتاج من يؤديها لك .. لما لا تحاول .. لما لا تتكلم .. لماذا أيها الميت !

انها تسأله و لكنها متأكدة انه لن يجيب .. فهى تتحدث الى جثة .. لكم أن تتخيلوا ان يشطر كل جزء فى جسمه ذكرته الى نصفين .. لا تنتظرى من تلك الأشلاء أن تجيب ..

أضاء الشعاعان الأرجوانيان مرة أخرى بعد أن أنطفئا للحظة ..

ثم بدأت فى الضحك .. و تحدثت الى .. نور ما رأيك فى أمثال عبد الرحمن ووصفى ! .. انظرى اليهما ألا يستحقان ما هما فيه .. الفتى عبد الرحمن و الطبيب وصفى ..طبيبك الذى تكنين له الاحترام .. استدراجه لم يتطلب سوى خدعة مهنية بسيطة .. فقد أتى للتشريح .. و لكنه لم يكن يدرك أى طرف سيكون من أجل نجاح تلك العملية

تشير باصبعها نحوه .. و تستكمل .. هذا البدين لا يستحق الحياة كغيره كثيرين .. انتم تضيعون أياما لن تدركوا قيمتها الا عندما تموتوا .. هذا الطبيب الذى شرح العشرات من جثث الفقراء .. يمتلك احدى اكبر عيادات المنطقة .. اجرة الكشف فقط تخل بميزانية اسرة متوسطة .. انه يتكسب من عناء الآخرين .. يتخد دور الإلة و يمنح الحياة فقط لمن يملك المال .. هذا الطبيب الذى تنازل عن مبادئة و تراجع فى قسمة .. و هو ايضا من يمنح علمه فقط لمن يدفع .. و لا يكتفى بذلك ..بل تخلى عن نزاهته فى منح منافسة نزيهة لطلبته .. و يمنح بعضهم فرصة افضل للنجاح .. أيضا مقابل المال .. انه يمتلك المال و السيارات و الشهرة .. و لكن ألا يستحق العقاب

ألا يستحقا الموت .. ألا تستحقين الموت .. اختفى الشعاعان الارجوانيان ثانية و هى تردد فكرى بما أقول .. ثم أضاءا مرة أخرى

أرج رأسى قليلا ॥ ربما لأننى أشعر بدوار .. و ارغب فى الاتزان ..جسدى ثابت كالأصنام .. تخطف عينى لقطات بينما تدور .. ثلاثة أشخاص حية .. أحدهما ينزف بلا حراك .. و الآخر يختبئ باآخر المكان .. و الأخرى .. أين الأخرى .. انه تتحدث معه .. انها تتحدث معها .. الشبح .. ميادة .. ( ضعيفة ) تلك الكلمة ترن بأذنى انها تكررها .. أوه । لا .. ضحى .. مستحيل

يتبع

قصة رعب فى كلية الطب .. الحلقة الثانية عشر


هذا الشعور بالضعف لم يكن استسلاما .. انه احدى اللحظات اللارادية القليلة فى حياتى .. لطالما كنت أحرك حياتى بيدى .. ربما ليس لأنى فائقة القوة .. و لكنها حياتى هى من كانت عديمة المقاومة ..

كم الساعة الآن .. أشعر أن دهرا من الزمن قد مر .. تلك اللحظات التى تنتظرين فيها شيئا تمر ببطء .. و ما بالك اذا كان هذا الشئ هو موتك ..

ضحى .. اقتربت من تلك الفتاة التى بدت و كأنها ميتة .. اقتربت لربما اكتسب بعض الثقة .. كى استمد بعض الحب من حولى .. أقتربت لكى أعتذر .. أو لأودعها .. أو لتودعنى .. لا أدرى أى منهما سيتحقق أولا .. و لكننى على يقين بأن أحدهما سيتحقق ..

ربما شعرت هي الأخري بوجودي .. نور خرجت باكية وهي تتحسس ذراعي .. أنت هنا .. أرأيتي ما حدث ..أتصدقين مايحدث ..هل رأيتي إيلين ..ثم إنفجرت دموعها.. ولكنها إستكملت وهي تعتصر أرأيت إيلين ..هل هي تلك المومياء المذبوحه حقاً .. نور ..نور .

.

ربما سرحت .. سرحت و أنا لا أدرى بماذا أجيبها .. أجيبها بأن تنتظر دورها على يد شقيقتى المنتقمة و أننى أدرى ما حدث .. أم نصرخ و نعوى سويا .. أم نتمسك ببعض الأمل

فضلت الاخيرة .. و أخبرتها بأننا نستطيع أن نغير مصيرنا .. و ان الله وحده هو أعلم بما سيحدث .. لا تفكرى بالامر لأنك لن تجدى جوابا .. ثم وجدتها اللحظة المناسبة لأسألها سؤالا ترددت بسؤاله حتى لا تسالنى مثله .. و لكن لاشئ يهم الآن !

ضحى .. أخبرينى ما الذى أتى بك هنا .. لماذا ؟

هنا أفاق الثلاثة رجال بالمكان .. حتى فزعت .. و أقبل حسن و بادرنى لقد انتظرت تلك الجملة من أحدكم كثيرا . و ها نحن بدأنا

ماذا تقصد .. حدثته مستفهمة .. و قد ازال كل منا بكاءه و جلس منصتا

قال فكروا معى بالأمر .. نحن الان بمكان واحد .. لقاتل واحد .. ربما نستطيع العمل سويا .. الا يعطى هذا بعض الأمل

صرخ عبد الرحمن بفتور .. أمل بماذا أترى تلك الكلمة تناسب أى ما حدث .. دع الأمور تسرى كما هو مكتوب .. و فكر فى النجاة

فاجبه حسن .. ليس هذا ما مكتوب علينا .. نحن فى هذا الكون مخيرون و ليس مصيرون .. أعطانا الله العقل لكى نأخذ بالأسباب .. و هذا ما عندى

اننا جميعا اسراء لفخ واحد .. لا يجدى الآن البكاء على اللبن المسكوب .. اما أن ننتقم لهؤلاء .. أو نحجز لنا مكانا جوارهم ..

ربما افتقدته .. افتقدت هذا الشعور .. الشعور بالأمل .. افتقدته بحق .. كل ما أحاول فعله هو اقناع نفسى فقط و الإستماع لهذا الكلام المقنع ..

أراه يكمل ثلاثة أشخاص قتلوا اليوم دون أن نعرف سبب قتلهم .. قاتلنا يستمتع برؤيتنا الان .. يستمتع برؤية هذا التفكك و الضعف و الاستسلام بنا .. ربما اذا تعاونا نعرفه .. أو نعرف حتى ملامح شخصيته لربما نتعامل معه .. ربما حتى نقتل فضولنا قبل أن نموت و أمامنا تساؤلاتنا .. ان هذا القاتل يعرفنا جيدا .. بل و أجاد إصطيادنا .. لقد وقع كل منا فى فخه انه يدرك نقاط ضعفنا و قوتنا .. أحدا معى ؟؟

تركته يكمل حين وددت أن أقاطعه .. أقاطعه عندما قال ثلاثة .. فهو لا يدرى رابعم و هو أخى تامر .. أقاطعه عندما أراد أن يتعرف على هوية القاتل و هى أختى ميادة

و لكن أريد أن أعرف هذا الفخ .. ما الذى أتى بهؤلاء هنا

انتبهت الى حسن مجددا .. الذى ظل يتحدث .. هيا ما الذى أتى بكم هنا .. ساعدونى .. ساعدوا أنفسكم .. نور .. ضحى .. معتز .. عبد الرحمن .. أحدا يخبرنى

إلا ان أحدا لم ينطق .. أو ربما ينتظر الإجابة من الآخر .. أنا أنتظر .. و لكنى لن أجيب .. بما أجيب .. أختى هى القاتل .. أظنهم سيبتسمون فى وجهى و يشكرونى على مجهودى العظيم .. أنا أصمت لهذا .. و لكن هم لما يصمتون ..

لحظات تمر.. شفاه ساكنة .. عيون متلألأه .. ما هذا الجو من الغموض .. أنا لا أستطيع أن أحث أحدهم على الإجابة .. و كذلك لا أستطيع إستنتاجها بمفردى ..

( حسنا أيها الفتى لما لا تجيبنا أنت .. ام انك لا تريد أن تتخلى عن دورك فى السيطرة ) .. هذا ما قاله معتز

صدمت .. هذه هى الكلمة التى تصف ما أحسسته ولا كلمه سواها .. صدمت من هذا الاسلوب .. من تلك الطريقة فى الحديث .. من الوقت التى قيلت فيه .. من ملامح معتز التى أراها كذلك للمرة الأولى .. صدمت كأنما صفعنى أحدا لا أعرفه بقوة لسيبب لا أعرفه .. أتعرفون تلك الصدمة ؟

عندما تتعارك السيالات العصبية القادمة من مؤثر .. ولا تدرى ماهى الإستجابة أو رد الفعل المباشر

ريما هنا الكثير لا أعرفه .. ربما الأمر اكبر مما توقعت .. فتيان فى انتظار الموت .. تلمع بعين كل منهما الثقة .. يكلم أحدهما الآخر بتلك الحدة .. و يبدو اللآخر مستعد للإجابة .. لا أقول تناسيا بل نسيا الموت .. كأنهما نسيا تذكرتين للسينما .. نسيا المشرحة و انتقلا الى حلبة المبارزة .. مضمار القتال .. ميدان التحدى .. لا تستغربون ألفاظى فى هذا الموقف فى هذا المكان .. فالذى أراه أمامى الآن لم اره من قبل سوى فى المسلسلات الكارتونية .. ولا اعتقد الآن ان تفكيرى هذا سيكون أكثرإفادة أو إثارة من الحديث الذى يجرى الآن ..

و ما ان قال معتز هذه الكلمات .. حتى ابتسم له حسن .. أتتخيلون ابتسم .. ثم تابع .. أتعلم شيئا لم أرد يوما ان اسمع هذه الكلمة و لكننى كنت أتوقعها .. دعنى أجيب عل سؤالك مسبقا .. أستصدقنى لو قلت انى قدمت اليوم من أجلك ؟

فأجاب معتز .. بالطبع اصدق .. لتقتلنى بالطبع .. أن أشك بك منذ البداية .. و أراهن انك وراء كل هذا ..

حسن : اذا هل ستنزعج مجددا من تفسيرك الخاطئ ؟

معتز : أنا لا يخطئ تفسيرى أبدا

احم .. اتعلمون رغم اننى احب معتز .. فقد تعاطفت مع حسن قليلا .. لا أدرى لماذا .. و لكنى فضلت أن أكمل هذا الحوار و معى اثنان من المشاهدين .. لا أدرى ان كانا وصلا لنفس مستوى الإثارة

و لكننى اثق بنفسى .. فقد نسيت ميادة .. نسيت خوفى من الموت .. لا أدرى لما تأخرت كل هذا الوقت !

ابتسم حسن مجددا : دعنى أضيف هذا الى تفسيراتك الخاطئة

اعلم اننا جئنا هنا لسببٍ ما ولأنى أعتقد ان قاتلنا ذكيا . فقد عرف فى كل منا نقطة ضعفه .. و اعتقد انه كما وصل لى وصل لكم .. عن طريق رسالة على الهاتف .. ثم وجه ناظريه الينا جميعا قائلا أليس كذلك ؟

اليس كذلك كل منكم يخشى أن يبوح برسالته لانها تمثل نقطة ضعفه .. تلك هى رسالتى أيها الفتى الوسيم ان أردت رؤيتها

أخذ معتز الهاتف .. و يداه ترتجفان .. فقط عيناه الزرقاوان تتحركان

ثم القى الهاتف بعيدا .. مرددا .. كذب كذب .. أنا لم أرسل لك رسالة قط

ابتسم حسن للمرة الثالثة : أجل أعلم .. ارجو المساعدة فى الكلية الآن .. المرسل : معتز

شككت بالأمر .. يبدو فخا .. فهاتفك عندى لما ترسل لى من رقم آخر .. و لكننى لم أسمح لنفسى بأن تساورنى الشكوك .. فهناك احتمال و لو ضئيل .. انك بحاجة للمساعدة ولا استطيع انكاره .. لست متأكدا ان من تعرفهم من الفتيات و أشباه الرجال الذين لا يجيدون سوى المزاح يستطيعون حمايتك .. و عندما أتيت ووجدتك آمنا .. تأكدت انه كان فخا .. و ما ان بدأت أفهم و جدت ضحى تجرى الى المشرحة .. و غرقنا فى تلك الدائرة من الأحداث .. نقطة ضعفى كما يظنها قاتلى هى الصداقة و لكنه لا يدرك انها مصدر قوتى ..

أخبرنى الآن يا معتز ما الذى اتى بك هنا .. ربما أعرفه .. و لكن لتحدث الآخرين

ابتسم معتز .. حسنا أيها القائد .. أحسنت أكل هذا من أجل أن تجعلنى أبدو خاطئا .. تحياتى .. ربما لو صدر حديثك من شخص آخر لبدا مقنعا . و لكن منك لا فأنا لا اعترف و لن أعترف يوما ما بأنك أفضل منى .. انت و يكفيك فخرا بأنك صديق لى .. أقصد كنت .. و ان كنت أصلا لا أعتبرك صديقا .. يجب أن تنظر الى المرآة قبل أن تتحدث إلى .. قارن بين هيأتى و هيأتك .. أنظر فى المرآة الى هذا الوجة الأسود و هذا الشعر المتدلى الخشن الى تلك العينين الناعستين و هذا الأنف الأفطس .. الى تلك الملابش الشعبية الرثة التى ترتديها .. الى هذا البنطال الصوفى .. أتتوقع أن تُعجَب فتاة بتلك الهيئة .. أتتوقع منى أن أصدق ما قلته منذ قليل .. أتصدق اصلا بوجود الصداقة .. ان لم تكن تعرف فلك الأيام لتتعرف على رابع المستحيلات .

صمت حسن للحظة .. ثم بدا مستسلما .. مهما فعلت يا معتز فلن اصدقك .. ربما أنت غبيا كفاية لتضفى استرتايجيتك علنا الآن .. انتى لا تؤمن بوجود الصديق و لكن تدعى غير ذلك .. يحركك غرورك الأعمى طوال الوقت بأن وسامتك قد جعلتك نبيا على هذه الأرض .. و ان جميع المخلوقات هم اقل شأنا .. ان ما تفعله ليس سوى شعور بالنقص .. و انعدام الثقة بالنفس .. فضلا عن غيرتك و خوفك من الآخرين .. انت لاترى شئا مميزا فى شخصيتك سوى عينيك الزرقاوين .. انت تحقد على كل من هو مميز .. تحقد على كل انسان يتمتع بإنسانيته و تتمنى تزاوله منها .. الدليل هو أنك تكرهنى الآن .. تكرهنى لاننى اتيت كى اساعدك .. تكرهنى لأنى استفزك لتجيب على هذا السؤال .. أتحداك أن تعطيبنى اجابة واضحة ..

أدار اليه معتز ظهره .. ثم تابع .. أتعلم ايها الفتى أنا لن أجيب

و ما أنهى معتز هذة الجملة حتى سمعنا صوت صياح ضاحك يرج المكان .. و يغمر المكان بالظلمة كلما اشتد .. يبدو انها قادمة .. حانت اللحظة .. آمل اننا الخمسة مستعدون ..

يتبع

قصة رعب فى كلية الطب .. الحلقة الحادية عشر


ماذا الآن. خمسة أفراد .. فى حجرة مغلقة .. مع جثث الموتى .. بانتظار دورهم فى التشريح .. يبدو الأمر مطمئنا للغاية .. أليس كذلك ؟!

كل منا يستند الى ركن .. كل يحملق فى اللآخر .. كل يحث القاتل بان ياتى سريعا .. و كل يريد أن يعرف هويته .. و فى الوقت ذاته يستجمع ذهنه و طاقته ليفكر فى طريقة للهروب .. من سيأتى عليه الدور أولا .. و متى .. و لماذا ؟

تلك اللحظات لا يمكن أن تشعر بأقصى منها و أنت فى انتظار مصيرك المحتوم .. تلك الشبح تركتنى هنا لأرى رفاقى بين الدموع و التساؤلات .. و أرى صديقتى المذبوحة و طبيبها المفتت .. و أرى الظلام داخلى و الكره ينمو تجاه من قتلت هؤلاء .. أراها .. ميادة .. بما أستطيع أن أنعتك .. أيوجد صفة تصف ما فعلتيه .. لماذا يا أختى لماذا .. لماذا تقتلين من لا ذنب لهم ..لماذا تجبرينى أن أكرهك .. لما تجبرينى أن أتحداك .. ما الذى أتى بهؤلاء هنا .. ما الذى فعلتيه كى تجذبيهم .. لماذا أتوا .. أتلك وسيلة جديدة للانتحار .. أتوا لكى يموتوا ... ايلين أجيبينى من فعل بك هذا .. لماذا قتلك .. مالذى أتى بك هنا من الاساس

وصفى .. هل تسمعنى .. ايها الطبيب البدين .. أرى أذنك لم يصبها مكروه .. انت تسمعنى .. هيا أقطع حيرتى .. أجب عن تساؤلاتى .. أشرح لى الطريقة التى سألقى بها حتفى .. ما الذى أتى بك الى هنا .. ماذا فعلت ميادة بك كى تأتى .. أيها الموتى أتسمعوننى .. أصرخ و أكررها أتسمعوننى .. أحدا يخبرنى ماذا يحدث .. ماذا على أن أفعل سوى أختيار مكان للرقود .. هيا أجيبونى ما هو الموت .. كيف تشعرون .. الى أين سأذهب بعد أن تقتلنى ميادة .. الى أين سأذهب بعد أن تقتلنى أختى .. الى أين .. الى الجنة و النار .. و لكن متى ؟ .. بعد أن أُقتل مباشرة .. ألا يوجد قبر أحاسب فيه .. هل سأحاسب فى مكانى هذا .. أخبرونى كيف تمت محاسبتكم .. كيف و أنتم تتجزأون بهذا المكان .. هل تشعرون بأيدينا تتحسس أجسادكم .. هل تسمعوننا و نحن نلعن بعضكم عندما لا يظهر به ما نريد .. أتأنون و تشعرون بالألم .. أخبرونى .. هل من مجيب .. فربما تجدونى قريبا جواركم .. كما وجدتم منة .. و ربما يأتى الدور على فى التشريح .. ربما .. اخبرونى . هل سأتلم حية أو ميتة .. ألن يكون موتى نهاية لألمى و أوجاعى .. ألن يكون .. منة .. أمازلت هنا .. هل تسمعينى .. بما تشعرين .. هيا أجيبينى .. هؤلاء الملاعين لا يريدون اجابتى .. أوه . آسفه حقا .. آسفه .. لم أقصد و لكن أعتبرونى رفيقة جديدة للغرفة .. من يدرى .. و لكن ماذا ينقصنا ! .. لدينا مسبحنا الخاص لنرقد به .. و لدينا طاولات التشريح لتخرج أعضائنا سويا لكى تتألم .. هل ستتركوننى أتحدث بمفردى .. لا رد لا حركة .. تركتم تلك المسكينة تُذبح أمامكم .. و المسكينة الأخرى تطفو بمسبحكم .. أهكذا تديرون الأمور ؟

تركتم هذا الطبيب يشرح أمامكم و لم تحركوا ساكنا .. أكل هذالانه ذبحكم فى الماضى .. ألا تستطيعون أن تسامحوه .. و لكن كم فرحتم فقد وجدتم من ينتقم لكم منه .. أليست ميادة واحدة منكم .. أم انها لم تمت .. ميادة

ربما ذكرنى الاسم بهؤلاء الأربعة الذين يستهلكون أكسجين الغرفة .. اطلق اليهم بصرى ولا أدرى من سيكون أسرعنا فى توديع الحياة .. أو سنودعها سويا .. أنظلر اليهم ولا أجدهم أفضل حالا منى .. ترى بما يفكرون .. لحظات ما قبل الموت .. أراهم مرعوبون ..و استغرب رؤية ابتسامة خفيفة للحظات .. ألحظها بصعوبة على وجههم البائس .. أهو ايمانا منهم بمصيرهم المحتوم .. أم انهم يستعيدون شريط حياتهم .. و يتذكرون تلك اللحظات السعيدة التى مروا بها .. يتذكرون ماذا .. لأحاول التذكر .. أتذكر أجمل لحظات حياتى .. أتذكر عيد مولدى الرابع و أنا فى غاية السعادة .. أرى أسرتى حولى يمطرونى بوابل من القبل و الهدايا .. أرى السعادة فى أعينهم . فيطير قلبى من السعادة .. أرى والدى يطفئ الشموع و هو يحتضننى بين يديه .. و أرى أمى مبتهجة تبتسم الينا .. أرى أخى تامر و هو ينتقل من مكان لآخر .. و يقفز فوق الوسائد . و يغطى وجهه بكريمة الفانيليا .. أرى اختى ميادة فتاة التسع سنين .. تمارس دورها ككبيرة و تحاول الامساك به .. يالها من لحظات .. أرى جدتى قد أقبلت الينا فى احدى أيام العيد و أحضرت لى فستانا .. أرى السعادة و أنا أتذكر مرح ايلين .. ارى السعادة عنما أتذكر وجه ضحى البرئ عندما تغضب .. أرى السعادة فى عينى أبى عند علمه بدخولى كلية الطب .. ما هذا أرانىأبتسم مثلهم .. انه لأمر مضحك .. لما لم أفكر بتلك اللحظات من قبل .. ربما لم أفكر يوما بانها ستنتهى .. ربما كنت أظن انها ستكتمل .. تكتمل بلحظات الفرح عندما اتخرج من تلك الكلية .. لحظات الفرح و أنا عروس فى ليلة زفافها .. لحظات الفرح عندما أُرزق بطفلى الأول .. كل تلك اللحظات لم أفكر يوما .. بأننى سأُحرم منها .. لك أدركت الآن انى كنت اتذكر تلك اللحظات .. ليس لشئ سوى لتوديعها

يتبع

قصة رعب قى كلية الطب .. الحلقة العاشرة


لما تحدقون بى هكذا .. الى ماذا تنظرون .. لماذا تصرخون .. احدا يخبرنى بان ايلين حيه .. ان تلك اليد على كتفى لتطمئنى .. أنا أتحسسها فلا أدرى اذا كانت باردة او لا فقد فقدت قدرتى على الاحساس ..

سأستدير لأى صديقتى و لن أتاثر مهما كان .. لن أقوم بازاحه تلك اليد من على كتفى .. بل سأستدير ببطء ..

استدير لكى أندم لاننى وعدتكم باننى لن أتأثر .. و لكن على أن أفى بوعدى . أنا فى أمس الحاجة الآن الى حاستى المسلوبة .. لأرى تلك المتمردة تترنح أمامى فى الهواء .. تلتصق بشعرها اللامع فى الحائط .. بينما قد ازيلت جبهتها و مقدمة رأسها ربما لقوة الجذب .. لا يوجد بوجهها سنتيميترا واحدا لم يصب بخدوش .. كما ان تلك العيون الخضراء ليستا فى مكانهما .. لقد اخذهما القاتل .. لقد أخذتهما ميادة .. تلك السافلة .. لن أتركك تعذبينى أكثر من ذلك .. سأحطمك .. سأقطع كل جزء منك بأسنانى يا أختى .. أعلم بأننى لست قوية لأحمى نفسى حتى .. و لكننى لن أخاف منك .. لن أراكى تذبحين اصدقائى و أقف مكتوفة الأيدى ..لن أبكى و انتظر دورى

لا تنخدعوا كثيرا بتلك الكلمات فأنا أقولها و أنا أتقطع نحيبا .. و أنا أنظر الى أشلاء صديقتى .. و أتذكر تامر و منة .. و أتذكر تلك السافلة ميادة .. لن أهدأ حتى أحطمك .. لن أهدأ

هذا بينما دموعى تتساقط فى الظلام الدامس .. لا أرى حقا أين سقطت .. و لا أريد أن أرى .. كفى ما رأيت .. لما لا أموت الآن و أستريح من تلك الحياة ..

فجأة انقطع هذا الظلام الدامس .. و الفتى البدين يستند الى الكابس .. بينما ينير فوقه مصباح صغير أصفر اللون .. لا تتهاونوا بتلك الإضاءة .. فأنا أستطيع رؤية المكان بأكمله الآن .. أرى الدماء تلطخ الجدران .. أرى صديقتى مازالت تترنح .. بينما طرفاها السفليان يتمددان أسفلها .. لقد بترا معا .. و صارا أشلاء ..

أرى هذا الفتى البدين يقبل نحونا و هو يصرخ و يشير الى مصدر الضوء .. أجل أعرفه هذا المصباح الصغير .. يستخدمه الأطباء لتحسين الرؤية أثناء التشريح .. مهلا انه الدكتور وصفى لما يجلس هناك .. لو لم يكن حسن الحيئة ولا تحيطه الدماء لظننته مقتولا .. و لكنه بدا طبيعيا . يستند الى احدى الجثث

انطلقنا نصرخ اليه جميعا .. عدا عبد الرحمن وقف ثابتا مكانه .. انه يرعبنى بنظرته هذه فأنا لم أبرح قد اطمئنيت قليلا و أنا أرى هذا الرأس الأصلع و المعطف الأبيــــ ... الأحمر

صراخ .. و لا شئ سواه .. أنا اصرخ .. ضحى تصرخ .. معتز يصرخ .. حسن يصرخ .. مازلنا نصرخ .. ربما كل منا يهرب من الجملة التالية بهذا الصراخ .. نصرخ حتى نبقى أفواهنا مفتوحة كى لا تستطيع شفاهنا ان تتحرك و تبدى تعليقا ..

حسنا بما ان حسن قد أظهر بعض الرجولة و اقترب نحو وصفى .. فهو لا يحتاج أية ألقاب الآن .. انه فى العالم الذى يزول فيه كل شئ .. و لكن هل سينتقل الى هذا العالم بتلك الهيئة .. هل سينتقل بتلك الأشلاء .. بتلك البطن الممزقة التى تخرج أحشائها خارجا .. بهذا الصدر المتهتك الذر ربما هرس تحت قاطرة .. بتلك الأطراف المتدلية التى لا يربطها بالجسد سوى قطعة من الجلد

يبدو و كأنه قد قام طال طب بتشريحة بكل ما يملكه من ادوات التشريح .. عذرا أيها الطبيب ربما جاء دورك و لكن ليس بالدقة التى كنت تشرح بها .. فأنا يبدو اننى أعرف تلك الطالبة .. لو كانت مازالت حية لكانت فى الفرقة الخامسة الآن .. أتعلمين أيتها السافلة .. أنا أيضا لا أجيد التشريح .. و لكننى قررت أن أتعلم .. لن أحتاج الى طبيب أو كتب .. فالطبيب أراه ممزقا أمامى الآن .. و الكتب قد تركتى أخى مختنقا عليها .. سأعلم نفسى بنفسى .. فيكى .. فلربما أجد شريانا للحقارة .. ساجده عندك فقط يغذى جميع خلاياك .. لا تقلقى سأسمية باسمك .. سيكون اكتشافا علميا حقيقيا .. و ربما أنال بعض الجوائز .. لا أريد أى جوائز .. جائزتى أن أنل منك .. و لأنك سبب الاكتشاف .. فانتظرى جائزتى ..

يتبع

قصة رعب فى كلية الطب .. الحلقة التاسعة


اننى أستمر بالركض .. لا يهمنى ما أشعر به من الإعياء و عدم قدرتى على التنفس .. لا أهتم بأى شئ .. لا أرى أماى سوى هدفا واحدا .. لا أرى أمامى الا صورة ميادة .. و أتخيل كيف حالها بعد مرور خمس سنوات .. أهى حية ؟؟ .. أهى شبح ميت ؟؟ .. أمازالت أجمل بنات الأرض على الإطلاق ؟؟ .. أتطلبنى لكى تحتضنى أم لتقتلنى ؟؟ ... و أستمر بالركض .. لا أدرى بما يدور حولى .. لا يهمنى تنبيهات السيارات و صياح سائقيها .. لما لا تقتلينى يا ميادة كى تريحينى من هذا العذاب ..

أنا لا أستطيع الإستمرار .. أشعر بجسمى أثقل بكثير من تلك الخمسين كيلوجرام .. أشعر بقلبى ينقبض بشده حتى أشعر انه سيبرح قفصى الصدرى فى احدى انقباضاته ... و لكن .. الوقت يداهمنى .. ساعدنى أيها القلب الضعيف ..

ها قد وصلت .. لا أحد على البوابة .. لا أحد بالمكان .. لا صوت .. ليس هذا هو المكان الذى كان يعج بالصياح صباحا .. أتحرك ببطء داخل هذا المكان .. عينى تنظر أمامها على استحياء .. بينما بلغت أذنى قمة حساسيتها السمعية ..

تسمرت قدماى فجأة .. ربما انقطع الاتصال العصبى بجميع أطرافى .. لم أر ميادة .. و لكننى أدركت بإننى لست المدعوة الوحيدة بهذا المكان .. هناك أربعة أشخاص يقفون أمامى و ينظر كل منهما الى الآخر .. سأقول لكم من هم و لكن لأزيح تلك الطبقة من الدموع كى أستطيع أن أراهم جيدا ..

الى اليمين .. يقف شاب بدين يرتدى نظارته و يحمل فى يده بعض الكتب الى يساره يقف شابذو شعر أسود و عضو فى اتحاد الطلبة .. الى يساره تقف فتاة سمراء اللون ذات عينان بنيتان .. و الى يسارهما يقف الفتى الأشقر ذو العينين الزرقاوين ..

استمر بالتحديق فى تلك الأربعة وجوه الموجودة أمامى .. أتساءل عن سبب وجودهم .. ماذا تريد ميادة منهم

انظر و تعود نظراتى خائبة عندما ألمح نفس التساؤلات فى أعينهم .. خمسة أشخاص فى هذا المكان .. فى هذا الوقت .. لماذا ؟ .. من المؤكد انهم ليسوا ذاهبين للنزهة ..

أنا قادمة لأرى أختى التى قتلت صديقتى و أخى .. أتيت اليها كى أراها تقتلنى و تريحنى من هذا العذاب الذى أعانية .. أتيت لكى تقتلنى أنا .. ليس لتقتل كل من أعرفهم .. أنا لا أعرف حسن أو عبد الرحمن جيدا .. و لكن معتز و ضحى هم من أقرب من لى الآن .. و كذلك ايلين .. أعتقد انه قرار صائب انى لا أراك فى هذا المكان .. من يعرف اذى يخبئه القدر ..

مازال كل منا يقلب النظرات فى الآخر .. ولا بد أن ما جاء فى ذهنى هو ما جاء فى ذهنهم .. عدا واحده .. أراها تطير نحو المشرحة و تردد ( ايلين ) ..

ربما لم أستوعب الأمر من تلك المرة الأولى .. و لكننى بمجرد ان استقبلت خلاياى السمعية الاسم .. كانت اشارة لعضلاتى المتعبة بأن تنطلق نحو المشرحة .. و تلحق بتلك السمراء .. و هناك ثلاتة من الشباب يركضون خلفنا ..

أمام الباب .. ضحى .. تصرخ ( انه لا يُفتح .. أنه لا يُفتح ) .. ( ايلين .. ايلين ) تردد الاسم و هى تبكى .. و أنا أيضا ..

لم يترك حسن فرصة للتفكير .. و ضرب هذا الباب ففتحه .. يدخل الشباب أولا بحذر .. ندخل أنا و ضحى بعدها ..الظلام حالك ولا يوجد مصدر للضوء . لولا انى أشعر بالخطر على ايلين لما وطأت قدماى هذا المكان

لقد دخلته كثيرا من قبل .. و لكن تلك المرة تختلف كثيرا .. انه مرعب كثيرا ليلا و خاصة فى هذا المكان الحالك .. و بوجود قاتل فى المكان ..

سمعت ان أرواح الموتى تخرج فى هذا الوقت كى تحاسب .. لا أصدق بتلك الخزعبلات .. و لكننى حقا مرعوبة . اننى أخاف على ايلين اكثر من نفسى و أخشى أن يكون قد اصابها مكروه ..

أرى كل منهم يخرج هاتفه الجوال .. يحاول البحث عن مصدر للضوء ..

و أرى هذا الفتى عبد الرحمن يحاول الهروب .. و لكن الباب ينغلق أمامه .. أجل هذا الباب الخشبى الضعيف الذى كسره حسن منذ ثوان .. لا يستطيع الفتى تحريكه سنتيميترا واحدا ..

كلنا يهمس بصوت خافت .. ايلين .. ايلين .. و يتحرك ببطء فى هذا المكان البائس .. هذا المكان الذى تم احناجزنا فيه نحن الخمسة فى انتظار نهايتنا على يد شقيقتى المنتقمة ..

ما زلت أهمس و أنا أنتحب و كذلك ضحى .. فى كل مرة ننادى و رجع صوتنا خائبا .. و أشعر بالألم سكينا يتغرس فى أحشائى ..و يمزق بها مالم يكن ممزقا ..

أشعر بأحدهم يربط على كتفى .. اشعر بالكهرباء تسرى فى جسدى .. ( لا تنظرى لا تنظرى ) .. هذا ما حدثت به نفسى .. أرانى أجذب يد أحدهم .. لم أعرف من هو .. و اشير بهاتفى نحو تلك اليد الموضوعة على كتفى ..

ثم سمعت من تصرخ .. صرخة ربما دفعت بعض الموتى كى تصحو .. ايلين ..

اشعر بالأضواء فوق رأسى و لكننى لا أجرؤ على الاستدارة .. أرى تلك اليد على كتفى .. أجل أعرفها تلك اليد الناعمة .. أعرف تلك الأظافر الملونة .. ثلاثة اشخاص امامى .. يوجهون الضوء الى رأسى .. بينما أحدا يبحث عن مصدر الضوء ..وواحدة تستند الى كتفى .. اذا استمرت تلك اليد على كتفى لثانيتين اخرتين .. سأصاب بانهيار عصبى

يتبع